05082024الأربعاء
Last updateالثلاثاء, 17 تشرين1 2023 8pm

إزدواجية الغنى التكنولوجي و الفقر الاجتماعي في عصرنا الحالي

د.ياسين عميرة د. ياسين اعميرة لعل الثورة التكنولوجية الحديثة التي غزت منتوجاتها جل البيوت في أنحاء المعمور، لها أيضا جوانب سلبية عديدة تبقى أهمها الفقر الاجتماعي أو ما أطلق عليه ”العزلة الافتراضية”. بداية، فالمتؤمل في نفسه وهو داخل بيته مع أسرته أو بين أصدقائه أو حتى في أماكن عامة تجده يقضي جل وقته في مداعبة هاتفه أو هواتفه أو حاسوبه الشخصي أو حتى ساعته الذكية، يتجول بين الشرق و الغرب بحثا عن شئ أو أي شئ، لاهفا وراء كم هائل لا ينتهي من المعلومة وفي عالم لغته السائدة الصوت والصورة، يكتفي فيه هو في آحاين كثيرة بالضغط على زر الاعجاب أو النشر في أحسن الحالات، حتى صار عند البعض سلوكا. ويُقال حسب هذا العالم الافتراضي، أن الانسان إذا ما وُضع في مكان مضلم مدة ثلاثة أيام لا يرى فيها أي ضوء قد يفقد فيها البصر نهائيا. إذا ما صحّت هذه المعلومة و طبّقناها على هذا الذي أصبح “الضغط على زر الاعجاب أو النشر” دَيْدنه، فإنه يُعرِّض نفسه في أحسن الحالات لتلف ملكة اللغة عنده. ويُؤكد الكثير من المهتمين بالحقل التربوي أن من نتائج هذا الانغماس الغير مُقنن في عالم الصورة و الصوت يؤدي الى فقر على مستوى التفاعل اللغوي و الحسي مع المحيط الحقيقي. بيدا أن المرء يستشفُّ كذلك و هو يُقلِّب صفحات شبكة الانترنيت كمية و غزارة انتاج المعلومة “الصوت-صورة” تنمُّ على قوة التفاعل مع العالم الافتراضي. وباستلهام الازدواجية الابدية “خير-شر” المتواجدة في كل الاشياء و تطبِيقها علي موضوعنا هذا، نجد أنفُسنا المسؤولين أولا و أخيرا على استخراج الخيرية أو النعمة من طيات النقمة، من باب رُبا كل نقمة في طياتها نِعمة. وهكذا، يجُرنا الفضول و البحث عن الوقاية الى طرح اسئلة تمهيدية … فهل أصبحنا عبيدا لشيء صنعناه بأنفسنا؟ أوجدْناه فضيًع عنا الكثير من الوقت بحثا وراء الاتصال بالعالم في حين لم ننتبه الى انفصالنا عن بعضنا. فكم من مرة رأيتُم عائلة تجلس معا في مقهى أو مطعم، ولكن الأب و أبنائه كانوا يلعبون بهواتفهم في حين أن الام تحدق بعزلة في أي شيء يثير انتباهها. وإذا عدنا إلى ما أفرزته الدراسات و الابحاث الاكاديمية فنجدُها تتحدث في الغالب الاعم عن المشاكل الصحية الناتجة عن فرْط استعمال الهواتف و التعرض المستمر لموجاتها، ولكن دراسة التأثيرات السلبية على الجانب السلوكي و الاجتماعي تبقى قليلة إن لم نَقُل أنها منعدمة . ويبقى الاشكال المستعصي هو بروز ظواهر إجتماعية غريبة عن تقاليدنا و متناقضة مع ديننا …تُزِيح كلَّ ما هو جميل في عادتنا وحضارتنا و تزُجُّنا في عالم الفردية المتوحشة… ربما لا قدر الله نكتوي بِنارها في مستقبلنا القريب…وفي الامم التي سبقتنا الى دخول عالم التكنولوجيا عبرة و عِظة. فهذا دور يُنتظر أن يَلْعبه الاخصائيين و المشتغلين في الحقل الاجتماعي و التربوي على مستوى بلادنا من أجل فهم الظاهرة و طرح الاسئلة الهامة علَّنا نُساعد شبابنا على الاستفادة من التكنولوجيا لا أن تستفيد هي منهم.صوت الناس